اللهم إني أشكو إليك الأخ … وأشكو إليك الجار… وأشكو إليك القريب، اللهم تكالبت علينا الأمم عربها وغربها، فإليك المُشتكى أنت الناصر وأنت المعين...
ما خطبكم أيها العرب؟ ماذا تفعلون بحاضركم، ألا يكفيكم ما فعلتموه بتاريخكم؟ إن زعمتم أن أبطال التاريخ ورجالاته هم من سوّد صفحاته لا أنتم، فما حجتكم الآن لماذا لا تصنعون تاريخكم؟ اصنعوه حتى لا يلعنكم أحفادكم مستقبلاً، ما الذي ينقصكم ويؤخركم؟ ما خطبكم ألا تقرؤون وتتعلمون من تاريخكم؟ ألا تعرفون أن الأمة التي لا تقرأ ماضيها وتتعلم منه لا حاضر تبنيه ولا مستقبل ترجوه؟ ألا ترون أنكم على عكس شعوب العالم تنبشون في تاريخكم لا لتتعلموا منه بل لتعكروا صفو يومكم وغدكم؟!!.
أيها العرب إلى متى تظلون عبيداً لشياطين أمريكا وأوروبا؟ إلى متى يظل إلهكم في السماء ورسولكم في التاريخ وولاة أموركم في دهاليز البيت الأبيض وجحور الأليزيه؟ لن أذكّركم بتاريخكم المُتخم بخياناتكم لأن ذاكرتكم مثقوبة، بل سأذكركم بحاضركم في سنواته العشرة الأخيرة، ماذا فعلتم في العراق وأهله 2003، ولبنان وأهله 2006، وغزة وأهلها 2009، والآن الآن ماذا تفعلون في سورية وليبيا؟ لقد أبحتم وتبيحون دماءنا، ويتمتم وتيتمون أطفالنا، وهتكتم وتهتكون أعراضنا، وثكلتم وتثكلون أمهاتنا. ومع كل هذا أراكم تصفقون وتهللون بل وتمولون أسلحة ولاة أموركم ومؤتمراتهم بنفطكم وخذلكم. وبالأمس عُقدت آخر مؤتمراتهم في إماراتكم حول (ليبيا)، تحدثت فيه غربانهم أمام أعينكم وعلى مسامعكم وبين ظهرانيكم أنهم سيقصفون ويذبحون أخوتكم فاستقبلتم ذلك بالتصفيق والتكبير!!
كيف أُبرئكم آل النفط مما يجري في سورية ووسائل إعلامكم وقنواتكم وفتاوى شيوخكم شريكة في قتل قابيل لأخيه هابيل، فعلى أرضكم توجد أبواق الجزيرة والعربية رأسا إعلام المؤامرة على سورية، ومن بلادكم تنعق غربان الإسلام المُؤمرك قنوات الوصال والصفا محرّضة على قتل الأخ لأخيه والنفخ تحت نار الطائفية، ومن بينكم تصدر فتاوى شيوخكم، شيوخ ستار أكاديمي أمريكا، فهذا يبيح ثلث أرواحنا وذاك يتاجر بنصف دمائنا، يبيحون ويتاجرون بسم الدين، والدين منهم براء براءة الذئب من دم يوسف.
أيها العرب وهبكم الله ثروات باطنية هي الأغنى في بلاد الأرض، ماذا صنعتم وتصنعون بها؟ للحق أنكم صنعتم سراب مدنيةٍ لا حضارةٍ، مَدَنيةٍ مُستهلِكة تزول حتماً بزوال نفطكم. وليتكم اكتفيتم بذلك، فأنتم بدل أن تنشروا النعمة في بلادكم وبلاد أخوتكم العرب رحتم تنشرون خونكم وذلكم خوفاً على عروشكم، فكل جرح في جسد الأمة العربية لكم يدٌ فيه. انظروا إلى أيّ بلد عربي فيه مشكلة الآن، ألا ترون أن لدولكم في الخليج دور البطولة فيه، فأنتم لا تلعبون إلا أدوار البطولة فالمال مالكم والناس عبيدكم تشترونهم متى شئتم بدنانيركم.
أيها العرب تعداد سكانكم بات يقارب النصف مليار، موزعين بين دول كبيرة وصغيرة، لم يقم لأيّ منها قائم حتى الآن بين دول الأرض، لأنكم مازلتم تغطّون في نوم أهل الكهف، وغيركم أقل منكم عدداً ولا يملك حتى قليل ثرواتكم لكنه صنع مدنيته وحضارته لا في الأرض بل وصل إلى الفضاء. كيف لا وأنتم تدخرون آلاف مليارات الدولارات في بلد واحد فقط كأمريكا، ناهيك عن ملياراتكم المكدّسة في بنوك أوروبا، هذه المليارات التي تبني بلادهم على حساب بلادنا وتقيم عروشهم فوق قبورنا. ألا ترون يا عرب أن كل الأمم تسير أمام أعينكم إلا أنتم قررتم أن تقعدوا على قارعة الطريق تقذفون هذا وترجمون ذاك، تجترون ذلكم وضعفكم وتفرقكم.
ما بالكم أيها العرب لماذا تكالبتم على قائدنا الأسد؟ هل لأنه لم يركع ولم يسجد لأصنامكم وولاتكم، أم لأنه أحرجكم ويحرجكم أمام شعوبكم بمواقفه تجاه قُدسنا وأنه الحصن الأخير الذي لم يسقط؟ أجل كلٌ يعمل على شاكلته لذا كرهتموه وحاربتموه لأنه الوحيد بين أقرانه القائد الرجل يا أشباه الرجال، ولا غرابة فهو ابن الأسد، الذي قال ومازال يقول لا لولاتكم وآلهتكم، نِعم الرجل هو لأنّ الرجال مواقف تُعرف بالحق ولا يُعرف الحق بها، وهو سيد الكلام في مسرحيات قممكم العربية الهزيلة الذي عندما يتكلم تسكتون جميعاً. منذ سنين يا عرب الذل اخترعتم المبادرة العربية لقضية فلسطين، بعد طول تفكير!!! عرضتموها على بني صهيون فرموها فوراً بوجوهكم، ومنذ ذلك اليوم لازالت مبادرتكم على الطاولة تستجدون ردهم بلا أي جدول زمني، فلماذا إذن عندما تتحدثون عن سورية يكثر حديثكم عن جدول زمني للإصلاحات فيها؟؟ وكأنكم في بلادكم نشرتم الديمقراطية والعدالة والحرية وأرسيتم الرخاء والازدهار!!!
ويْحَكُم يا عرب! أنسيتم أنكم عرباً وأن للعُروبة عادات وآداب أقلّها الشعورُ بالتحرّر والإباء والحميّة والمروءة والتأنف من الخيانة. فأين أنتم من كل ذلك يا عرب، وإلى متى تبقون ممسوخُون ومغمُورون في الرذيلة إلى حدّ الغباء والعمى، مبتعدين عن الحقّ، ومنضوين تحت لواء الباطل. أيها العرب إن الغرب وإن تكالب علينا فهذا أمرٌ لا غرابة فيه، لأن التاريخ يشهد والحاضر يشهد بأن الغرب ما كان لنا يوماً عوناً ولا أخاً. ولكن الغرابة فيكم أنتم، أنتم الذين تجمعنا بكم روابط جمّة، ومع وجود كل هذه الروابط فإنكم بدل أن تكونوا أخوة وعوناً لنا في محنتنا التي نمر بها نراكم أعنتم وتُعينون علينا فإلى الله المُشتكى. فيا ربِّ تكالبت علينا الأمم عربها وغربها فإليك المُشتكى أنت الناصر والمعين… انصرنا وأعنا يا الله، فلا ناصر لنا سواك.