لعل مؤشر الناتج المحلي الإجمالي يعتبر أهم مؤشر اقتصادي عن وضع اقتصاد دولة ما وهناك مؤشرات اقتصادية كثيرة تستخدم في عمليات تخطيط الاقتصاد و إدارته .
هناك مؤشر اقتصادي مهم تم إخفائه من قبل الفريق الاقتصادي السوري السابق أو تم إهماله و ذالك لتضليل الجماهير و تضليل الخط الإصلاحي في البلاد بقيادة الرئيس بشار الأسد ..هذا المؤشر اسمه نسبة مساهمة القطاع الحكومي في الدخل القومي .
إذا قمنا بدراسة هذا المؤشر عالميا و إذا استبعدنا سورية عن هذه الدراسة نلاحظ أن فرنسا تحتل المرتبة الأولى عالميا في نسبة مساهمة القطاع الحكومي في الدخل القومي حيث بلغت هذه النسبة 43 % عام 2005 وهي نسبة كبيرة و تؤشر على أن الدولة تساهم بشكل كبير في النشاط الاقتصادي و تساهم بشكل كبير في الدخل القومي رغم أنها دولة رأسمالية و تنتهج ما يسمى اقتصاد السوق الحر .
إذا أدخلنا سورية في الدراسة نلاحظ أن سورية هي الدولة الأولى عالميا في نسبة مساهمة القطاع الحكومي في الدخل القومي ..نعم الأولى عالميا حيث بلغت هذه النسبة عام 2005 84 % نعم 84% و هذا ليس خطأ طباعي أو ما شابه ذالك ..فسورية تتفوق على الصين و فرنسا وإيران ... و هناك فارق كبير بين سورية و بين أول منافس لها فرنسا حوالي 40 نقطة .
يدل هذا الرقم على أن الاقتصاد في سورية مهيمن عليه بشكل كبير من قبل الحكومة أي أن الحكومة تسيطر على الحياة الاقتصادية وإلى حد ما الاجتماعية في البلاد بشكل كبير و هذا يعتبر نقطة مضيئة في الاقتصاد السوري فهو منيع و عصي على التدخلات الخارجية و بما أن الدولة تسيطر على الوضع الاقتصادي فهذا يمكن الدولة من تحقيق العدالة الاجتماعية و تحمي الطبقة الفقيرة من الانهيار و يعزز الموقف السياسي السوري و يجعله أكثر استقلالية .
الجانب السلبي لهذا الوضع هو أن تأثير الفساد (إن وجد )في حياة الجماهير يصبح أكبر شدة . يصبح الفساد في حياة كل مواطن تقريبا أي أن كل مواطن عليه أن يتعامل مع الفساد إما شريكا أو ضحية مما يقوض العدالة الاجتماعية , و رجال الأعمال عليهم أن يسترضوا الموظفين الحكوميين عند قيامهم بأي خطوة فإذا أصبح هؤلاء الموظفين فاسدون فهذا يعنى أن الفساد هو العنوان العريض لأي عملية استثمارية و اقتصادية في البلاد ..لا نجاح من دون الفساد ...أصبح الفساد جزء من النسيج الاجتماعي و الفكري و الأخلاقي للمجتمع .
فإذا أردت أن تكون رجل أعمال ناجح سوف تتورط بشكل قسري بتعامل معين مع الدولة كون الدولة هي الزبون أو المتعامل الأكثر إغراءا باعتبار أن 84 % من مقدرات الاقتصاد يعود لها .و لا يوجد تعامل مع الدولة من دون رضا الموظفين و بالتالي أصبح الموظف شريكا لرجل الأعمال في عمله هذا من ناحية و من ناحية أخرى قام هناك حلف بين رجال الأعمال و الموظفين الحكوميين ضد المواطنين أو ضد الطبقة الفقيرة و المتوسطة في المجتمع .
نستنتج مما تقدم أنه هناك حلان لاجتثاث الفساد ..إما بتخلي الحكومة عن جزء من إدارة المؤسسات الاقتصادي في البلاد للقطاع الخاص و هذا حل خطير جدا لما ينطوي عليه من إمكانية الإضرار بمصالح الطبقة الفقيرة
و الحل الآخر هو إعلان حرب جدية على الفساد و إعطاء موضوع مكافحة الفساد حقه و اعتبار مكافحة الفساد قضية أمن قومي و قضية وجود ..قضية وطنية في أعلى قائمة الأولويات في المرحلة القادمة ..
علينا أن نكون جميعا جنود في هذه الحرب .حرب اجتثاث الفساد التي أعلن عنها سيادة الرئيس في خطابه بجامعة دمشق.