news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الليرة السورية بين ميالة و الشعار ... بقلم : نزار علي

يبدو أن الاختلاف في وجهات النظر بين حاكم مصرف سورية المركزي و وزير الاقتصاد بدأ يبدو جليا من خلال التصريحات المتضاربة لكل منهما


نجد من ناحية أن   الدكتور ميالة ملتزم بالمحافظة على سعر صرف الليرة ( حسب أقواله ) و هذا الشيء طبيعي لأن أحد مهمات حاكم أي مصرف مركزي في العالم هو المحافظة على سعر الصرف بغض النظر عن أي شيء

 

يمكن أن نسجل هنا ملاحظة صغيرة و هي  أنه على الأقل عندما تمر البلاد بظروف غير طبيعة لا نستطيع أن نغمض أعيننا و ونتصرف و كأن شيئا لم يحدث علينا أن نكون ديناميكيين و نبتعد عن البيروقراطية . نحتاج إلى أفكار إبداعية ,,أفكار جديدة , القليل من المبادرة لا يضر هذه الأيام ... من دون الانتقاص طبعاً من مكانة و خبرة الدكتور ميالة و سنين طويلة من العمل الناجح كحاكم لمصرف سورية المركزي.

 

من ناحية أخرى نجد أن وزير الاقتصاد يحاول إتمام مهمته الإنقاذية  الصعبة بنجاح  بأقصر وقت ممكن , لا شك أن أفكاره جيدة و علمية فهو رجل أكاديمي و حسب معلوماتي المتواضعة عنه فقد سمعت أنه أمضى سنيينا في العمل في قطاعات غير حكومية  ..وهذا ما يجعله عملي و لم يتشرب رتابة و طريقة تفكير موظفي القطاع العام  و أعتقد أنه سينجح بمهمته على الأقل لديه عقلية متحررة من القيود البيروقراطية و لم تتلطخ يداه بتشويه الاقتصاد السوري ..

 

لا يمكن عزل السياسة الاقتصادية عن السياسة النقدية للبلاد فتوجهات الدكتور الشعار الاقتصادية  على ما يبدو كلها تصب أو كلها سوفي تؤدي بشكل أو بآخر إلى تخفيض سعر الليرة عاجلا أم آجلا  . الأمر الذي يتضارب مع توجهات المصرف المركزي ..و لكن السؤال الذي يطرح نفسه ..هل من مصلحة المواطن تخفيض سعر الليرة ؟

 

لنحاول معا الإجابة على هذا السؤال

أغلبية المواطنين هم من الطبقة الفقيرة طبعاً و هذه حقيقة مؤلمة و لكن لنواجهها ...  إن الدخل الفردي للمواطن مرتبط بشكل مباشر بالناتج المحلي الإجمالي و هذا الناتج  مرتبط بشكل مباشر بمعدل النمو الاقتصادي ...حسنا باعتبار أن النمو السكاني مستمر و هو من أعلى معدلات النمو السكاني عالمياً  فلكي نحافظ على نفس معدل الدخل الفردي يجب أن يكون معدل النمو الاقتصادي  مرتفع و باعتبار أن معدل النمو الاقتصادي  اقترب من الصفر في هذه الفترة  لأسباب يعرفها الجميع هذا يعني أن معدل دخل الفرد سينخفض اتوماتيكيا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات غير طبيعية و عاجلة و شجاعة .

 

يمكن تصنيف هذه الإجراءات التي يمكن اتخاذها إلى نوعين 1- إجراءات تكتيكية أو إسعافية   2- إجراءات إستراتيجية

بالنسبة للإجراءات العاجلة ..يمكن المحافظة على مستوى معيشة المواطنين لفترة زمنية قد تطول إلى سنة بتحقيق نوع من العدالة في توزيع الثروة و تيسير أمور العمل و الناس و الابتعاد عن العرقلة بشكل عام ( دعه يعمل دعه يمر ) بمعنى آخر على الدولة أن لا تحارب من يريد أن يعمل و ينتج بالبيروقراطية و القوانين البالية بالعكس عليها أن تساعد , كإعطاء قروض للمشاريع الصغيرة و المتوسطة و غيرها من الأمور

 

أما الإجراءات الإستراتيجية وهي الأهم طبعاً

 

لا يمكن بأي شكل من الأشكال زيادة الدخل الفردي من دون زيادة الناتج المحلي الإجمالي و هذا لن يحصل لا بالتنظير و و لا بالتجريب ...الموضوع بسيط جدا  الطريقة الوحيدة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي و تحقيق نمو مقنع هي بتشجيع الاستثمار و باعتبار أن الاستثمارات تهرب من سورية لأسباب سياسية و أمنية لا يوجد إلا طريقة واحدة و هي الاعتماد على الذات حيث ستظهر مشكلة تمويل هذه الاستثمارات ..إذا استطاعت سورية تأمين مصادر تمويل أخرى في فترة قريبة و هذا مستبعد مبدئيا يمكن تفادي موضوع التمويل بالتضخم ..و إلا فنحن سائرون باتجاه التمويل بالعجز لا محال .. 

 

و التمويل بالتضخم سيؤدي بشكل أو بآخر تخفيض قيمة الليرة و لكن يجب أن يكون التخفيض بشكل مدروس غير عشوائي و نجاح هذه العملية  يتطلب تضافر جهود جميع الجهات في البلاد و لا يحتمل تضارب في الآراء .... هذه الطريقة ستحافظ على معدل نمو مرتفع و لو مؤقتا ريثما تؤتي الاستثمارات الجديدة أكلها . و من شروط نجاح عملية التمويل بالتضخم  دعم القاعدة الإنتاجية للبلاد, أي نوع من أنواع الإنتاج, زرعي, صناعي ,خدمي ,سياحي أي شي منتج له قيمة اقتصادية  , وهذا أيضا له علاقة تبادلية مع طريقة التمويل المذكورة نظرا لتنشيط الصادرات بسبب سعرها المنافس بشرط إيجاد أسواق لهذه الصادرات .

 

التمويل بالتضخم له انعكاسات سلبية على  الطبقة الفقيرة من السكان و لكن الخبر الجيد أنه يمكن عكس هذه التأثيرات السلبية لتصبح إيجابية  بسهولة سواء بزيادة معدلات الأجور الناجمة عن معدل نمو مرتفع طبعا  و دعم العاطلين عن العمل وفق برامج معينة و عملية و ليس فقط بالتنظير و التنظير المضاد على الشاشات التلفزيونية .

 

لكي تنجح عملية التمويل بالتضخم في تحسين الواقع الاقتصادي يجب أن يكون هناك خطة شاملة و قدر هائل من التنسيق بين جميع الوزارات و الهيئات المختصة خصوصا التي لها ارتباط الموضوع الاقتصادي و النقدي و الشؤون الاجتماعية و الإعلام  ويحب توفر أيضا روح وطنية عالية لدى القائمين على الاقتصاد مع عدم إغفال الدور الجوهري لطريقة الإدارة..

 

إن أي خلل قد يؤدي إلى الفشل و لعل أهم أسباب فشل مثل هذه الخطوة هو  ضعف التنسيق بين الجهات التي تتعاطى الشأن الاقتصادي و النقدي و الاجتماعي في البلاد .. لذالك باسمي و باسم المواطنين البسطاء أمثالي أطلب من المعنيين وضع الخلافات جانبا و التعاون فيما بينهم و أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة المواطنين و الوطن قبل أي شيء آخر . ثقتنا كمواطنين بكوادرنا الاقتصادية العملاقة  عميقة فلا تخيبوا أملنا ...

 

2012-01-24
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد