news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
أشياء تحترق... بقلم : هالة اليوسف

أوقفتني رائحتها ..برغم كل ما أعرفه .... لكني لم أتوقع أن الرائحة ستخنقني إلى ذلك الحد المخيف

لم أستطع أن أحدد أي شيء بدأ بالاحتراق أولاً..وأي شيء بدأ بالحرق أيضا أيحترق من أشعة الشمس التي لا يصدها عنه سوى ظل شخص مار بقربه لثوان فقط..ثم يستسلم من جديد لنارها التي تمسك قلما وتكتب على الجبين ما أوصاها به زمانه الخائب .


لم تترك سطرا فارغا إلا وكتبت عليه تجاعيد من بؤس وتعب وبعد كل هذا الاحتراق  هاهي غمامة من دخان غطاها الشيب دون أن تدري تعلو بكسل لتقف في وجه تلك الأشعة المحرقة ويستعين المسكين على الاحتراق بنار أقوى تبدأ بأكله من الخلايا وتذيب الأحشاء التي تتقطع كل يوم  وتعود لتتماسك أملاً بشيء يرويها ويروي أحشاء أحشائها الذين ينتظرونه في بيت معتم ككتلة صغيرة جائعة وبردانة

ولا تكاد تلك الغمامة تختفي بين شعيراته الشائبة حتى يعاود من جديد لف سيكارة أخرى بيدين مرتجفتين ويمنحهما ريقاً من شفتين سحب منهما العمر ريقه  ويكمل الذوبان ,وهاهو قبل أن يذوب في اللاوعي يحرك عينيه بأمل لا ينقطع ...ينظر هنا وهناك بين جموع الأولاد المتهافتين مع أهلهم من المدارس  يبحث عن طفل يغريه بما لديه على البسطة البسيطة التي أمامه يشير للأطفال بيديه   لأن على الله وعليهم رزقه .

ثم عندما يفقد الأمل من قدوم طفل نحوه يلملم حاجياته التي هي عبارة عن قطع من بسكويت وشوكولا أحرقت الشمس كل فائدة فيها  ويضعها في حقيبة ملت من تلك الأشياء التي تعود إليها كل يوم ذاتها أو أنقص قليلاً في تلك اللحظة أحسست فعلاً بالاختناق  شيء ما بدأ بالاشتعال في قلبي وهو ينهض ويرمي بتلك الحقيبة خلفه ظهره لقسوة الضرب الذي يتعرض له كل يوم ..ويمضي خائباً إلى أطفال ينتظرون كل شيء إلا الخيبة

 

2010-11-23
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد